“يا إسحق لا تعارض أهل مصر في نفيسة فإن الرحمة تنزل عليهم ببركتها”…. رؤية زوجها اسحاق المؤتمن رضي الله عنه بجده رسول الله صلوات ربي عليه وآله وسلم عندما اراد نقل حضرتها بعد إنتقالها للرفيق الأعلى إلى المدينة المنورة .
“واعجباه لي منذ ثلاثين سنة أسأل الله أن القاه وأنا صائمة وأفطر الآن هذا لا يكون، ثم قرأت سورة الأنعام فلما وصلت الى قوله تعالى: (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) فكان اللقاء ونِعم اللقاء ….إنها السيدة العابدة العالمة الزاهدة الصديقة الكريمة بنت الأكريمين السيدة نفيسة العلم والعلوم رضوان الله عليها ….
وُلِدَتِ السَّيِّدَةُ نَفِيسةُ بِنتُ الحَسَنِ الأَنورِ بنِ زَيدٍ بنِ الإِمامِ الحَسَنِ (عليهِ السَّلامُ) في الحادِي عَشَرَ مِن رَبيعٍ الأَوَّلِ سنةَ 145 هـ في مكَّةَ المُكرَّمةِ في بيتِ علمٍ ووَرَعٍ وَتقوَى، عاشَت مَعَ أَبِيها في المَدينةِ المُنوَّرةِ في الدَّارِ الَّتي تَقَعُ في الجانِبِ الغَربيّ مِنَ المَدينةِ مُقابِلَ بيتِ الإِمامِ الصَّادق ِ(عليهِ السَّلامُ)، عِندَما بلغتِ الخامِسةَ عَشرةَ زَوَّجها أَبُوها مِن إِسحاقَ المُؤتَمنِ بنِ الإِمامِ الصَّادقِ (عليهِ السَّلامُ) نَتيجةَ رُؤيا رآها، وقد أَنجَبتْ لإِسحاقَ وَليدَينِ، هُما: القاسِمُ وأُمُّ كُلثُومَ.
في سنةِ 193 هـ رحلتِ السَّيِّدَةُ نَفيسةُ مَعَ أُسرَتها إِلى مِصرَ، وحينَ علمَ أَهلُ مِصرَ بِقدُومِهم خرجوا لٱسْتِقبالِهم في العَريشِ. وصلتْ السيدة نفيسةُ إِلى القاهِرةِ في 26 رمضانَ 193 هـ، ورَحَّبَ بها أَهلُ مِصرَ. قال صاحبُ “ناسخِ التَّوارِيخِ”: عظيمةُ الشَّأنِ رَفيعةُ المَنزلةِ مِثالُ العِفَّةِ وكانَ بيتُها مَلاذاً لِلناسِ.
سَكَنَتْ مَعَ زَوجِها في بيتِ أَحدِ التُّجَّارِ المِصريِّينَ يُعرَفُ بجَمالِ الدِّينِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ الجَصَّاصِ ثُمَّ ٱنٔتَقَلَتْ بعدَ عدَّةِ شُهورٍ إِلى بيتِ أُمِّ هانِئ ومِنها إِلى بيتِ أَبي السَّرايا أَيُّوبَ بنِ صابرٍ.
وأَقبلَ عليها المِصريُّونَ يلتمِسُونَ مِنها العلمَ حتَّى كادوا يَشغلُونَها عمَّا ٱعْتادَتْ عليهِ مِنْ عِباداتٍ، فَخَرَجَتْ عليهِم قائِلةً: «كُنتُ قدِ ٱعْتَزَمْتُ المَقامَ عِندَكم، غَيرَ أَنِّي ٱمرأةٌ ضَعِيفةٌ، وقد تَكاثرَ حَولي النَّاسُ فَشَغَلُوني عنْ أَورادِي، وجَمعِ زادِ مَعادِي، وقدْ زادَ حَنيني إِلى رَوضةِ جَدِّي المُصطَفى.» ففَزِعُوا لِقَولِها، ورَفَضُوا رحيلَها، حتَّى تدخَّلَ والي مِصرَ السَّري بنُ الحَكَمِ وقالَ لهَا: «يا ٱبنةَ رَسُولِ اللهِ، إِنِّي كَفيلٌ بإِزالةِ ما تَشكِينَ مِنهُ». فوَهَبَها داراً واسِعةً، وحدَّدَ يَومينِ في الأُسبُوعِ يَزُورها النَّاسُ فِيهما طلباً لِلعلمِ والنَّصِيحةِ؛ لِتَتفرَّغَ هي لِلعبادةِ بَقيَّةَ الأُسبوعِ. فرَضِيَتْ وبَقِيَتْ (رَضوانُ اللهِ عَليهَا) حتَّى وافاها الأَجلُ هُناكَ، ذكر أَنَّها حَجَّتْ أَكثرَ مِن ثَلاثِينَ حَجَّةً أَكثرُها مَاشِيةً ،وكانتْ كَثيرةَ البُكاءِ خَشيةً مِنَ اللهِ تَعالى وكانتْ تُحيِي اللَّيلَ بالعِبادةِ والتَّضرُّعِ والتَّهجُّدِ، كَثيرةَ الصِّيامِ ،حَفَرَتْ قَبرَها الَّذي دُفِنَتْ فيهِ بِيدَيها، وكانتْ تَنزِلُ فيهِ وتُصلِّي كَثيراً، وخَتَمَتْ فيهِ المُصحفَ عَشَرَاتِ المَرَّاتِ وهِي تَبكي بُكاءً شَديداً.
Average Rating