مشاهد منسية أساطير الأرياف والصعيد قديما

كتب  كارم المياني 

الوهم شكل من أشكال التشوّه الحسيّ، ويدلّ على سوء تفسير الإحساس الحقيقي، ويعرف أيضاً على أنّه إيمان الشخص بمعتقد خاطئ بشكل قوي، رغماً أنّه لا يوجد أدلة على وجوده أصلاً، كما عرفه البعض على أنّه شكّ، أو وسواس يصاب به الفرد ليرى بعض التصوّرات غير الموجودة على أنها حقيقة واقعة. يؤثّر الوهم بشكل عام على حواس الإنسان أكثر من الرؤية بحد ذاتها، فيعمل الوهم على سوء تفسير الحقيقة بشكل حسيّ غير نابع ممّا يراه أمامه، أي أنّه يفسّر الصورة حسيّاً مخالفة للصورة الواقعية التي تصل إلى البصر، ويختلف مفهوم الوهم عن مفهوم الهلوسة رغم التقارب بينهما، حيث إنّ الشخص الذي يعاني من الهلوسة قد يرى أو يسمع ما هو أصلاً غير موجود كأن يسمع أصوات في حين أنه يجلس في مكان يعمه الصمت، أمّا الوهم فيسمع الشخص مثلاً أصوات متداخلة مع صوت المياه الجارية، ومن الأمثلة على الأوهام التي أنشأت عبر الوسائل المادية، التمثيليات الصامتة، فعبر فن الحركات الإيحائية التي يقوم بها الممثل يتم خلق أوهام يتم تشكيلها عبر افتراضات المشاهد لها، أي أن المشاهد يفترض ما قد يقوله الممثل أثناء صمته بافتراض إياها عبر إيحاءاته.
ومن أشد أنواع الوهم التي كانت موجودة في الأرياف والصعيد الوهم بالجن كثير من القصص والحكايات والأساطير سمعنها خلال جولتنا في الأرياف منها :
محمد فرج من إحدى قرى أرياف القليوبية يقول من الأساطير التي سمعنا عنها أسطورة الوتد والجن كان هناك مجموعة الأشخاص يسكنون بجوار المقابر وفي إحدى ليالي الشتاء جلسوا معا يتنافسون أيهم أشجع قال أحدهم أن الاشجع فقالوا الاشجع منا هو من يذهب ويغوص داخل المقابر في هذا الوقت المتأخر ليلا.
فقال أحدهم انا أفعل هذا واعطوه وتدا وقالوا له اذهب بهذا الوتد وعند آخر نقطة تصل إليها في المقابر ضع هذا الوتد ذهب الرجل وفي منتصف المقابر بدأ هذا الرجل في تثبيت الوتد في الأرض وعلق الوتد بثيابه وظن الرجل ووهم بأن جني أو عفريت يمسك بثيابه فظل الرجل في مكانه إلى أن مات خوفا و وهما بأن جني يمسك به .
ومن أشهر الأساطير التي تربي عليها أجدادنا :

أبو رجل مسلوخة:

وهو اسطورة ريفية مصرية بتحكي عن طفل اتولد برجل واحدة مسلوخة وكانت امه بتخاف تخرجه بره البيت علشان العيال مايضحكوش عليه وفي يوم خرج من ورا أمه فشافه اهل البلد وبدل مايضحكوا عليه خافوا وجريوا منه فقرر انه ينتقم من كل أطفال البلد عن طريق انه بقى يخطفهم ويقتلهم وتحولت الأسطورة دي لقصة بتتحكي للاطفال الصغيرة اللي ما بتعملش الواجب اوعى بقى متعملش الواجب لان ابو رجل مسلوخة مستني على الباب.
هذه الشخصية التي لم يعرفها أحد حتى الآن , جسد لنا آبائنا و أجدادنا هذه الشخصية الخرافية التي لا وجود لها أصلا من خيالهم , يروى بأن أبو رجل مسلوخة هو كائن حي مشوه رجله الشمال مسلوخة أي محروقة حرق مرعب , و اليمين أيضا مسلوخة لكن نص سلخ , يحب الظهور في الليل حصرا و الغرض من ذلك إخافة الأطفال الذين لا يسمعون كلام آبائهم و لا ينامون باكرا و لا يشربون الحليب . تداول هذه القصة الخرافية حتى وصلت إلى عصرنا الحالي , و بات أبو رجل مسلوخة عقاب للأولاد المشاغبين و الأطفال الذين لا يسمعون كلام آبائهم , و تشير بعض المعلومات بأن أبو رجل مسلوخة على علاقة قوية مع الغولة و يشكلون عصابة قوية ضد الأطفال و الكبار هذه الشخصيات الخارقة التي تستطيع فعل أي شيء تريد , كان كل طفل يرتعب منها رعبا شديد و كل منهم له تخيله الخاص لها , منهم من يتخيلها شخصية هلامية تستطيع أن تدخل من أي مكان و تلتهم الجميع , و منهم ما يتخيل بأنه رجل ذو رجل مسلوخة يخرج من الخزانة ليبتر الأرجل و يضعها بدل رجله . الفكرة المرعبة أكثر و أكثر بأن أبو رجل مسلوخة لا يمكن رده عن أي فعل يريد , بالتالي فإنه مرعب أكثر من العفاريت فالعفريت يهرب و يخاف عند سماع القرآن , أما أبو رجل مسلوخة لا يردعه ذلك فهو في تخيل أغلب الأطفال إنسان عادي مرعب . لكن حتى الآن لم يظهر أي أثر لهذه الأسطورة المسماه ابو رجل مسلوخة ولم يشاهده أي طفل , و لكن قصته باقية لغاية يومنا هذا و من الممكن أن يظهر في أي لحظة .

مروة فتاة ريفية تقول تربيت على أبو رجل مسلوخة وانا
حتى الآن ما زلت أقوم بتخويف أطفالي بصاحب الرجل المسلوخة فلا يفيد معهم سوى هذا الأسلوب ولا تعتقد مروة أن التخويف يؤثر على أبنائها، فهي تؤكد لطالما قصدت أمهاتنا تخويفنا بكل هذه الخرافات في طفولتنا، ولم يحدث لنا شيء، فقد كبرنا وأدركنا أنها مجرد خرافات تستخدم لغرض التأديب، فلا صحة لها ولا يوجد ما يثبت وجودها على أرض الواقع.

العفريت جي 

العفريت من الأسماء التي ظهرت قديما وانتشرت بشدة في الأرياف والصعيد و تم ذكر العفاريت في كثير من القصص والحكايات الشعبية والأساطير المختلفة والتراث المتناقل بين الأجيال كما وتم ذكرهم في كثير من الأديان. و قد تنوعت شخصيات العفاريت وأشكالها فمنهم من هو طيب وخير ومنهم من هو شرير وخبيث وبالنسبة لأشكالهم فتارة يتم ذكرهم على أنهم ذوي وجه حسن وتارة بأنهم ذوي وجه قبيح منهم الطويل جدا ومنهم القصير جدا بعضهم يشبه البشر وبعضهم الآخر يشبه أو فيه خصلة من أحد الحيوانات وكثير منهم قادر على تحويل أشكاله وصوته. و يعود هذا الاختلاف والتنوع في شخصياتهم وأشكالهم إلى طبيعة دورهم الذي يلعبونه في القصة المحكية عنهم وهكذا فعندما يتم ذكرهم على أنهم سيئون غالبا ما يتم تصويرهم على أنهم قبيحون والعكس بالعكس و العفريت كان وما زال له مكانة هامة في النتاج الأدبي والفلكلوري للشعوب فهو يظهر في القصص المحكية وفي الأفلام السينمائية وأفلام الكرتون وألعاب الفيديو كما وأن شخصيته تم تجسيدها في الكثير من المسرحيات.
الكثير من الحكايات والقصص التي كنا نتداولها كان لابد من ذكر اسم العفريت .
الحاج كمال رجل خمسيني سوهاجي يروي لنا قصته مع العفريت منذ أكثر من أربعين عاما يقول وانا في سن الثانية عشر اعتدت أن أسمع أحد أقاربي يقول انه شاف عفريت وطلبت منه أن ياخذني معه كي اتقابل مع العفريت وقلت له نصا أنا عاوز اشوف العفريت وبعد إلحاح مني قالي خلاص قابلني الساعة 10 وبالنسبة لينا الساعه يعني مفيش نور مفيش إضاءة الشوارع كلها فاضية خرجت ليه واحنا في طريقنا تقابلنا مع شخص آخر من أقاربنا وأخذناه معنا.
طيب احنا هنتقابل مع العفريت فين ؟ في الطريق اللي عند الترعة الكبيرة واحنا في الطريق وقريبين من الترعة سمعنا صوت في الميه قالي ممكن يكون ده عفريت قولتله لا ده البط اللي بيته الترعة .
وبعدين سمعنا صوت ورق الشجر بيخبط قالي هو ده قولتله لا واطمنه وأقول له دي العصافير اللي على الشجرة.
ومازلنا نسير في طريقنا حتى وجدنا شيء اسود طويل في منتصف الطريق أقاربي الإثنين خافوا وجري على البيت وبيصرخوا ويقولوا عفريت.
أكملت طريقي منفردا ووصلت إليه علشان عاوز اعرف العفريت ده ايه تحسسته بيدي كي أجد هذا الشيء نخلة ولكن بدون جريدها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.