محمد رأفت فرج يكتب: أزمة الطاروطي والغيرة على القرآن.. كلمة حق يراد بها باطل

تابعت على مدار الأيام الماضية تلك الحملة التي يتعرض لها الشيخ محمد الطاروطي بسبب خطأ في قراءة فجر الجمعة الماضية، هذه الحملة التى ليس لها علاقة بالغيرة على القرآن الكريم، فلو كانت غيرة على القرآن الكريم لقام أصحابها بالاتصال على القارئ وتوجيهه، أو القيام بالاتصال بمسئولي التخطيط الديني في الإذاعة وارسال شكاوى للجنة اختبار القراء الموحدة، لكن حملة التشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتشنيع والاتهام بعدم التمكن والحفظ، أمر غير مقبول.

حقيقة لا أعرف سر هذه الهجمة الممنهجة، وسببها، ولماذا لم تتدخل نقابة القراء إلى الآن للدفاع عن أحد منتسبيها في الوقت التى تقوم فيه نقابة المهن التمثيلية – مع الاحترام الكامل لها ولنقيبها – بالدفاع عن منتسبيها ضد من يسيئون لأحد الفنانين، لقد أخطأ الشيخ واعتذر عن خطأه، وأحالته الإذاعة للتحقيق، وهذا حقها، وكذلك نقابة القراء، وهذا حقها أيضًا، فبعد هذه الخطوات ماذا تريدون، هل تريدون من الشيخ أن يشنق نفسه أو يزهق روحه حتى تستريحوا، الجميع يعرف أن وراء هذه الحملة المسعورة، بعض ممن امتلأت قلوبهم بالحقد والغل، من الشيخ عبدالفتاح الطاروطي وشقيقه الشيخ محمد، وهما من أكرم الناس، وأكثرهم تواضعًا، أقول ذلك حسبة لله تعالى ولا أزكيهم على الله، فما رأيتهم في موضع إلا ويقدرون الصغير قبل الكبير، وفي الواجب دائمًا في مقدمة الصفوف.

لن أبرر مثل من برروا الخطأ بأن كثير من القراء يخطئون، ولن أدافع عن الشيخ محمد الطاروطي، في باطل وأقول أنه لم يخطئ لأنه اعترف بذلك، ولكن أقول إن المخطئ علينا ونصحح له خطأه دون تشهير، أو سخرية أو مقارنة، وبحكم تعاملي لأكثر من 10 سنوات، مع أحبابنا في التخطيط الديني أعرف أن الزميل المتابع قد صحح له خطأه وأرشده إلى الصواب، فإخواننا في التخطيط الديني أكثر غيرة على القرآن من المتشدقين بها، كما أنه لا يمكن المقارنة بين الجيل القديم والجديد، في كل المجالات في التلاوة أو الصحافة أو الفن أو الثقافة، وفي كل المجالات، فلن تجد في القراء أمثال الشيخ رفعت والشيخ طه وأصحاب المصاحف المرتلة الشيخ الحصري والشيخ مصطفى والشيخ المنشاوي والشيخ عبدالباسط والشيخ البنا، ولن تجد في الصحفة من يضاهي اساتذتنا كامل الزهيري، أوهيكل أو موسى صبري، ولن تجد في الفن والطرب أمثال عبدالوهاب والأطرش. فلا تقارنوا لأنها قسمة ضيزى.

يا سادة إن كثيرًا ممكن كتبوا تعليقاتهم على منشورات منصات التواصل الاجتماعي، عندما يلتقون الشيخ عبدالفتاح، أو الشيخ محمد، في أي مناسبة يسعون إليهم ويجرون نحوهم، وتكاد ألسنتهم تنطق شعرًا فيهم، وهم الآن يتفوهون بالكذب والبهتان عليهم، لمسايرة البعض، أو بتعبير أدق “مع الموجة”، ولهؤلاء الغيورين – حسب زعمهم- على كتاب الله أقول: إذا كانت الغيرة على كتاب الله، فمالكم وشقيق القارئ، وإذا كانت الغيرة على كتاب الله في خطأ أو لحن “جلي”، فمالكم ولصوت القارئ؟!، ومالكم وكونهم متباهين بأنفسهم؟! وهم غير ذلك فكما ذكرت هم أكثر الناس خفضًا للجناح تواضعًا.

إن كلمة الغيرة على كتاب الله كلمة حق أريد بها باطل، لتبرير هجمتكم النابعة من غلكم، يا سادة ارفعوا أيديكم عن حفظة كتاب الله، واجعلوا من غيرتكم على القرآن الكريم، دافعًا لحسن خلقكم، لا لتتناولوا الناس بألسنتكم، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، واشغلوا أنفسكم بعيوبكم، واتركوا الأمر للمسئولين عنه يتدبروه ويتخذوا قرارهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.