سلطان بن محمد القاسمي يكتب.. على مشارف الرحيل.. إطلالة عام جديد

على مشارف الرحيل.. إطلالة عام جديد
بقلم: سلطان بن محمد القاسمي

نهرع كلنا في نهاية كل عام وبداية عام جديد بالتهنئة والتذكير وتجديد التحايا والتعهدات، والعام حينما يمضي لا يمضي مفاجئاً، فعندنا كل يوم هناك يوم يمضي ويأتي غيره، لكن السر في أننا نحسب العمر بالسنين لا بالأيام، على الرغم من أن بعض الأيام تعدل السنين سواء فرحاً أو ترحاً.. ولأننا أمام عام جديد.. دعونا نتساءل: ماذا تعلمنا من عامنا الذي مضى، وماذا أعددنا لعامنا الجديد؟

قد يكون الجواب أن لا جديد، وهذا ليس مستغرباً فنحن تعودنا أن نترك الأيام تمضي ونمضي معها، وتسوقنا الأقدار حيث شاءت فهناك إرادة ربانية تسير الجميع! ومع صحة هذا المعنى إلا أنه لم يوظف بطريقة صحيحة ومناسبة، لأننا نحن أيضاَ قدر الله الذي منحنا العقل وأمرنا بالتفكر، وهو القائل جل جلاله “كل نفس بما كسبت رهينة”، فالعمر ميدان الكسب، والرابح من يزيد ويزيد من خيرات العمر من عمل صالح ونتاج إنساني ينفع الناس، وكلمة طيبة يبقى أثرها ولو بعد حين.

أما عن نفسي فقد تعلمت من العام الذي مضى، أن الحياة لا تتوقف لأجل إنسان، ولا تحزن لحزن أحد، ولا تفرح كذلك، لكنني أرى الدنيا مملوءة فرحاً حين أكون سعيداً، أو أرى من أحبهم في سرور، وأنا من يراها حزينة كئيبة حين أكون أنا الحزين الكئيب، فالدنيا وعاء ونحن من نملؤه فرحاً أو حزنا.
وتعلمت، أن في الناس خيراً وشراً، ولايمكن أن تجد إنساناً كاملاً بعد الأنبياء، ولايمكن أن تمنح الثقة الكاملة إلا لمن ندر ، وتعلمت أن الأب والأم لا يعدلهما أحد في الحياة، وأن الأخ سند مهما نأت به الظروف.

وتعلمت أيضاً بالرغم من ثقل الهموم والأحزان، أنني بإمكاني أن أسعد إنساناً بكلمة جميلة ألقيها في أذنه فأتركه مسرورا.. وسعيدا.. وبإمكاني أن أبتسم للوجه الكئيب فأرسم عليه ابتسامة جديدة لم يعهدها من فترة طويلة.. وبإمكاني أن أربت على كتف أخ وصديق فأخفف عنه همومه وأحزانه بدعاء وعناق..

وتعلمت أيضاً أن دوام الحال من المحال، وهو درس قديم يتجدد، فما كل ما تراه اليوم يبقى، ولا كل ما يغيب عنك يظل غائبا، فالدوام لله، وهو الحي القيوم، وبيده ملكوت السموات والأرض، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، ويفعل ما يشاء.
وتعلمت أيضاً، أن احترامي لذاتي هو احترام للآخر، لأني سأختار الصواب، والصواب مقصد كل عاقل، ولأني حين أحترم ذاتي سأعطي أكثر وأبذل أكثر، وتعلمت أني وحدي أقدر أن أنجز الكثير، لكن مع الآخرين أنجز أكثر وأبدع أكثر، فأنا وحدي شيء، ومع الآخرين شيء أجمل.

وتعلمت أني حين لا أضع هدفاً لنفسي سيضعني الآخرون ضمن أهدافهم، وسأكون حينها سلبياً لا أفعل شيئا سوى الاستقبال والتلقي، والأحرى أن أرسم لنفسي هدفاً أجاهد من أجله وأكافح حتى يتحقق.

وتعلمت أن الحياة مليئة بالجمال، لكننا نمحقه بين صخور الخجل والخوف والقلق، ونحرم أنفسنا من نعمة عظمى نجهل كيف نتلقاها ونشكرها ونعيشها.. ونأخذ إليها من معنا من أهل وأبناء وأحباب..

وبعد ان تعلمت كل هذا وضعت لنفسي هدفاً، أسعى في عامي الجديد أن يتحقق بإذن الله، وسأجمع مع هذا الهدف كل جمال السنين، ليكون لي نفساً أستنشقه حين تضيق الممرات، فتذكر النعم من الإيمان.

فتعالوا بنا نلج هذا العام متفائلين منشرحين، نستثمر فيه دروس الماضي الجميلة لنجعلها جسراً نتألق فيه في أيام جديدة وعام نكون فيها أصلب واقوى لمواجهة ظروف الحياة، وقطع المسافات نحو تحقيق الأهداف، والمحافظة على مبادئنا واصالتنا ومجتمعنا الجميل..
كل عام وأنتم جميعا بخير وسلام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.