أسماء هاشم تكتب.. الحل السلمي للسلام
لقد جبلنا الله جميعاً على حب العفو والتسامح ،وتميل النفس الإنسانية لحياة الأمن والسلام لتعيش حياة هادئة بدون منغصات أو مكدرات.
يعيش العالم وخاصة الشرق الأوسط حالة من عدم الاستقرار، وعدم الشعور بالإطمئنان خاصةً بعد ظهور ما يسمى بالربيع العربي،وقيام الثورات في بلادنا العربية كتونس ومصر وسوريا….
لنعلم أننا جميعاً مطالبون بأن نكون على قدر المسؤولية،فكم من تغريدة شحنت القلوب وكم من كلمة كانت سبباً في فوضى
دع نظرك يتجه لكلمة واحدة ( التعايش) وهي تعني بأن الجميع يعيش في مكان معين تربطهم وسائل العيش وأساسيات الحياة بغض النظر عن الدين والإنتماءات الأخرى. وانظر لما تحمل في طياته تلك الكلمة مثل ( التسامح ، والسلام ، حقوق الإنسان ، فالتعايش ضرورة إنسانية وحاجة أخلاقية
وإذا نظرنا إلى سياسة الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه لوجدنا أنه كان حريصاً على التعايش بين المسلمين واليهود وغيرهم،فقد عقد الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه العهود والمواثيق مع اليهود التي تضع أسس العيش المشترك مع الاحتفاظ بدينهم وبشريعتهم التوراتية، وتعامل الصحابة والخلفاء مع المسيحيين، واحترموا عقيدتهم السماوية،وهذا ما ورد بوثيقة المدينة وكان من ضمنها ( أن اليهود دينهم وللمسلمين دينهم،الا من ظلم وأثم فإنه لا يهلك إلا نفسه،وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم،وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة،وان بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم وان النصر للمظلوم)
وتلك الوثيقة تثبت الحرية لكل إنسان
ولا ننسى قول الله تعالى ( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) هود: 118-119
فرغم الإختلاف إلا أننا أمرنا بإزالة أسبابه وان يكون العدل والإنصاف وإعطاء الآخرين مالهم من الحقوق من أهمها
قال تعالى ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنه ايه ٨
فالتعايش مهمة كل فرد سواء دعاة أو معلمون أو مسؤولون أو إعلاميون أو سياسيون ..
عند النظر إلى الساحات التربوية لوجدنا أن التربية على السلام بها نقص ،فلا بد من توعية المواطن من بداية نشأته على أهمية العفو وكيفية تقديمه من خلال تعرفه على أساليب حل النزاعات سلميا وأساليبها واستراتيجياتها من خلال المناهج الدراسية وأيضاً للمعلمين
فالتعايش بين ثقافة الشعوب وبعضها يعتبر كمرتكز للم شمل الأمم
تحت مصطلح ( الإخوة الإنسانية )
نموذج لتلك الإخوة:
المؤاخاة التي نادى بها الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه تمثيلا حيا وميدانيا لأسمى معاني التعايش الإسلامي، وذلك حين قدم الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه مدينة يثرب التي كان يسكنها اليهود الى جنب قبائل العرب التي كانت أشهرها قبيلتي الأوس والخزرج اللتان كانتا تتقاسمان نزاعا دام لسنوات طويلة منها يوم بعاث ويوم الدرك وغيرها، واذا وقعت الحرب بينهماخرجت بنو قينقاع مع الخزرج، وخرجت بنو النضير وقريظة مـع الأوس يظاهر كل فريق حلفاءه على إخوانه حتى يتسافكوا دماءهم بينهم وبأيديهم)
وأيضاً جاء في الكتب المقدسة ما يحث على ذلك
( طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ) (إنجيل متى 5: 9)
وايضا في العهد القديم
(لا تَضْطَهِدِ الْغَرِيبَ وَلا تُضَايِقْهُ…) (خروج 22: 21)
لذلك تعتبر الأديان كلها سلسلة واحدة متشابهة الحلقات متلاحقة الأطراف أولها توحيد الله وتنزيهه ووسطها المحبة والإخاء والرحمة وآخرها عرفان الحقيقة حتى جميع الرسل كلهم عائلة واحدة
كما تعتبر واجهه لمواجهة الإرهاب والعنف والتطرف ،فالغرض منهم تفريق وتشتت الأمم والمجتمعات
فالحوار المتحضر يمثل ركيزة من ركائز التعايش السلمي ، ولأن المصلحة بين الجميع مشتركة وهي تحقيق ( السلام ) ،فسوف يتم تحقيق تلك المصلحة بالإرتباط الوثيق والعلاقة الوطيدة بين المجتمعات ، وسيتحقق هذا التعايش من خلال كلمتين ( تقارب الشعوب)
كما قال الفارابي ( وكل واحد من الناس مفطور على أنه محتاج في قوامه،وفي أن يبلغ أفضل كمالاته إلى أشياء كثيرة لا يمكن أن يقوم بها كلها وحده ؛ بل يحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه،فلذلك لا يمكن أن يكون للإنسان الكمال الذي لأجله جعلت له الفطرة الطبيعية إلا باجتماعات جماعة كثيرة متعاونين،يقوم كل واحد لكل واحد ببعض ما يحتاج إليه في أن يبلغ الكمال )
نتمنى أن تجتمع الشعوب وتظل يد واحدة سواء اتفقنا أو اختلفنا فلا ننسى أننا خلقنا من آدم وحواء عليهما السلام اي من أصل واحد ،لكن تلك سنة الله في أرضه
نسأل الله الأمن والسلام لكل العالم
أسماء هاشم